سعيد المزين

1935 - 1991 / فلسطين

في موقف العشق يا قدس - Poem by سعيد

سافَرتُ فِيكِ وَلَم يزل يَحلو السَّفَر
سافَرتُ فِيكِ وَلَم يزل سَفَري على دَربي
يُقاومُ في عِنادٍ كُلَّ أَعدَاءِ السَّفَر
نَصَبُوا الحَواجِز في طَريق العِشقِ
واستَدعُوا الخَفَر
حَفَروا بِدربِ الحُبِّ آلاف الحُفَر
وَتَصيَّدوا بِحِرابِهِم وَكلابِهِم
فُرسان عشقٍ ما تَرَاجَعَ أَو تَرَدَّدَ أو كَفَر
يا عِشقَ قَلبِي مُنذُ مَا قَبلَ الذي
يا حُبَّ رُوحي مُنذُ ما بَعدَ الذي
لا قَبَلَ قَبلَكِ حَيثُمَا
لا بَعدَ بَعدَكِ أينَمَا
أنت العَشيقةُ والقَصيدَةُ والأغاني والوَتر
سافرتُ فيكِ وَلَم يزل يَحلو السَّفَر
سافرتُ فيكِ وأنتِ مِشكاتي وَرُمحي
والليلُ يَخنقُ شُعلَتي
وَتُحاصِرُ الأنواءُ فَرحي
وَقُرَيشُ تَرفُضُني وَتطردني
تَسجِنُ فَجرِي الآتي وَصُبحِي
فَصَفَعتُ وَجه اللاَّتِ والعُزَّى
لِيَبرُقَ في صَحاري التِّيهِ جُرحِي
عَرَّيتُ صَدري للخَنَاجِرِ والأَظَافِرِ
والنُّيوبِ المُشَرَّعَاتِ لِقَتلِ آمالي وَذَبحي
وَرَكبتُ ظَهرَ اللَّيل
لا أَخشَاهُ
لا أَرجوهُ
بل يَطوِيهِ إصراري وَكَدحي
والعشقُ يًحمِلُني وَيُسلِمُني لِقَرحٍ بَعدَ قَرحِ
وأَنا بِهذَا العِشقِ مأخوذٌ ومَشدُودٌ
فَفَرحُكِ في لَيالي العِشقِ صَدحي
يا بَلسَمَ الجُرح المُرصَّعِ بِالضِّياءِ وبِالسَّناء وبَالجمَر
سافرتُ فيكِ وَلَم يزل يَحلو السَّفَر
سافرتُ فيكِ وَلَم يزل عِشقِي بِسَاحِك يَستَعِر
العُشقُ مِجدافيِ وكَشَّافي
وَسَيَّافي
وَجَلاَّدي الأشِر
العِشقُ أَشرعَتِي وَصَومعتي
وَناقوس الخَطَر
دُقِّي بِصَدرِي يَا نَوَاقيس الخَطَر
لَن تُوقِظي ظَهرِي
فَظَهرِي قّد تَسَمَّرَ لِلجِدارِ وَ لِلقَرَارِ وَلِلحَجر
ظَهري تَخَلَّى بَاعَني
هذي ضُلُوِعي
تَطعَنُ الُّرمحَ المُسَدَّدَ والشَّظَايَا وَالمَطَر
وَتَذُودُ عَنكِ الرِيحَ والإِعصَارَ
في لَيلٍ تَدَثَّر بالشِّقَاقِ وبالنِّفَاقِ وبالخَوَر
هذي ضُلُوِعي تَلطٍمُ الموجَ المُعَربِدَ
في بِحارِ الجُبنِ والتَّدلِيس في اللَّيلِ العَسِر
هذي ضُلُوِعي أَصبَحت جِسراً لِجَيشِ العِشقِ
حَتَّى يَنتَصِر
سافَرتُ فِيكِ وَلَم يزل يَحلو السَّفَر

سافَرتُ فِيكِ مُحَجَّباً من قَبل آلافِ القُرُون
سافَرتُ فِيكِ مُدَجَّجاً من بَعدِ آلافِ القُرُون
قَد كُنتُ في الأولى بحَشدٍ من ذَرَاري
عَاهَدتُ عَهدَ الحَنين
عهداَ بلا شَكٍّ يَمُورُ ولا ظُنُون
عَهدَ الإرادةِ كي تَكون
وما يكونُ لِكي تكون
قد كُنتِ أنتِ ... وأنتِ كُنتِ لِكي نَكون
وأتيتُ في الأُخرى فَكُنتِ العَهدَ
نَفسَ العهدِ
نفسَ القيدِ
نَفسَ النَّفسِ في حَشدٍ من البَشَرِ المُبَارَك
في الحياةِ وفي المَنُون
فَحَمَلتُ دربي فوقَ كَتفِي
وانطلقتُ إليكِ يا عِشقِي المعتقِ بالسُّنُون
العِشقُ في زيفِ الحيَاةِ مُصَنَّفٌ بَعضَ الجُنون
والعِشقُ في أصلِ الحياةِ
هو الحياةِ ... هو النعيمُ المُنتظر
سافَرتُ فِيكِ وَلَم يَزَل يَحلو السَّفَر

سافَرتُ فِيكِ وَلَم يَزَل
قَدَرِي المُقدَّرُ أَن أُسَافِر
لَستُ المكابِرَ في دروبِ العشقِ لكني أُصَابِر
لَستُ المغُامِرَ إِنَّمَا عِشقِي على دَربِي يُعَلِّمُنِي وَيُلهِمُنِي
وَينبِتُ لي أَظَافِر
عِشقِي المُحَاصرُ في الشعابِ وفي المَوانِئ والمَغَاوِر
عِشقِي المُقيَّدُ في السطور وفي الصُدور وفي الحَنَاجِر
عِشقِي المُكَبَّلُ يُرعِبُ السَّيَّافَ
والهَتَّافَ
والشَّبَقَ المُقَامِر
لا الشَّمسُ يمكنُ أن تَقَرَّ بِراحتي يَوماً
ولا القَمَرُ المُثَابِر
وسُراقةُ المخدوعُ لن يُثني جِمالِي
في دُروبِ العشقِ أن تَأتيكِ في أَقصى الَمَهاجِر
جَاءَتكِ فَوقَ خُيولهِم
جَاءَتكِ عَبرَ فُلولِهم
جَاءَتكِ رَغمَ طُبولِهم
جَاءَتكِ تَقتَحِمُ الحَواجِزَ والمغاوِرَ والغرائِزَ والخَطَر
سافَرتُ فِيكِ وَلَم يَزَل يَحلو السَّفَر
......
سافَرتُ فِيكِ وَلَم يَزَل
سَفَرِي يُصارِعُ كُلَّ أَشكَالِ الوَهَن
سَافرتُ فِيكِ وأنتِ عَذراء الوَطَن
سَافرتُ فِيكِ وِلستِ خَضراءَ الدِّمَن
لا أَصلَ جَدِّكِ ساقطٌ
لا فَرعَ أُمكِ هَابِطٌ
لا اسمَ أَهلِكِ يُختَبن
يا عِطرَ كُلِّ الأنبِياءِ المُخلِصين
يا زَهرَ كُلِّ الأولياءِ المتَّقين
من قال إِسمُكِ مُمتَهَن
من قال سَيفُكِ يُرتَهَن
هذا حَدِيثُ الإِفكِ مَصنوعٌ ومَدفوعٌ
لِتشتَعِلَ الفِتَن
قِدِّيسَةُ الآباءِ والأَجدَادِ والتاَّرِيخِ
والفَرعِ الحَسَن
قِدِّيسَةُ التُّربِ المباركِ حَولَهُ
يا عِشقَنَا
قِدِّيسةُ الرُّؤيا الجلِيلةِ والأَمَاني والصُّور
سافَرتُ فِيكِ وَلَم يَزَل يَحلو السَّفَر

سافَرتُ فِيكِ وَفَوقَ راحِلَتي عُمَر
وأَنَا رَفيقُ رِكَابِهِ والقًدسُ في مَرمى البَصَر
وَصَهِيلُ خَيلِك في الشَّمال وفي الجنوب
وفي البَوَادي والحَضَر
وَفَوارسُ الجِيلِ العَظِيم تَدُقُ أبوابَ الظَّفَر
وأبو عُبَيدة والمُثنى وابن وقاصٍ وخَالدٌ في دَمي
وَسيوفُهم نَشوى تَذودُ عن الأقصى الخَطَر
كُنتِ الإِعَادَةَ للبداية والبداية للشُّروقِ المنُتَظَر
أَحرَقتُ إسطولي بشاطِئِكِ العَظيم تَقَحُّماً
وَنشَرتُ رَايَاتي على هامِ القَمَر
وَحَمَلتُ دِرعَكِ لا أُبَالِي قَيصراً في الساحِ
أو كِسرى ولا حَشدَ التَّتَر
عُمري عَلى مُهري
وَمُهري فَوقَ سَاحِكِ لا يُبالي
بالجنودِ وبالقرودِ وبالذئابِ الحُمُر
هَذا يَميني فَوقَ سَيفِ الحَقِّ إيماناً وعَهداَ
لَن يُزعزِعه المَوالي في رِحَابِكِ تنتحِر
سافَرتُ فِيكِ وَلَم يزل يَحلو السَّفَر
168 Total read