نزار قباني

1923-1998

من كوة المقهى - Poem by

'مرّتْ كزوبعة العطر
تاركةً في جو المقهى خيطاً
من عبير
لا تُسْرعي .. فالأرضُ منكِ مُزْهِرهْ
ونحنُ في بُحَيْرةٍ مُعَطَّرَهْ
إلى صديقٍ ، أم تُرى لموعدٍ ؟
تائهةً كالفكرةِ المُحَرَّرهْ
والبَسْمةُ النَعْمَاءُ .. فوق مبسمٍ
مُسْتَرْطِبٍ ، تخجلُ منهُ السُكَّرهْ
أم أنتِ لا تبغينَ مثلي وجهةً
فتضربينَ في المَدَى مُسْتَهْتِرَهْ
إذا أردتِ الدفءَ .. عندي مقعدٌ
في هذه الزاويةِ المفكِّرهْ
مَنْ علَّم النجومَ كيف تحتفي
بهذه المُلْتَفَّةِ المُزَنَّرَهْ ؟
على جروحي .. نَقْلَةً فنَقْلةً
تقلَّبي ، حديقةً مُخْضَوْضِرَهْ
تَدَفَّقي شَلالَ عطرٍ .. والعبي
على نُجُوم المَغْربِ المُكَسَّرهْ
تَنَبَّهَ المقهى لخيطٍ خيِّرٍ
من الشذا .. ترميه ساقٌ خيِّرَهْ
مهموسةُ الإيقاع .. يا لجوقةٍ
صادحةٍ .. صائحةٍ .. مُعَبِّرهْ
ويغزلُ اللهيبَ حولي جَوْرَبٌ
جُنَّ على رخامةٍ مُشَمِّرَهْ
من رَبْوَةٍ شقراءَ .. جاءتْ نَفْضَةٌ
دفيئةٌ .. شهيَّةٌ .. مُعَطَّرهْ
تنقل لي من نهدها .. رسالةً
غريقةً بالطيب ، ريّا ، مُزْهِرهْ
غنيّةَ المرور .. مثلَ هذه
فلتكنِ الرسائِلُ المُحَبَّرهْ
لو تقبلينَ دَعْوَتي .. فإني
مُحَيَّرٌ يبحثُ عن مُحَيَّرَهْ
أقضُمُ من لفافتي مقاطعاً
وأَحتسي أخيلةً وأبخِرهْ
ما ضرَّ لو شاركتني مائدتي
في هذه الخَمَّارةِ المثرثرِهْ
لا تسألي ما اسمُكَ ؟ ما أنتَ ؟ أنا
رطوبةُ القبو .. وصَمْتُ المقبرَهْ
144 Total read